إعلان

من دواعي سرورنا أن تشاركونا بالمقالات (مقالات شخصية أو منقولة مع ذكر المصدر) و الصور و كل ما يخص الراحل مصطفى العقاد رحمه الله moba2020@yahoo.com
  • كم خسر العمل الإسلامي بموت مصطفى العقاد ؟


    كم خسر العمل الإسلامي بموت مصطفى العقاد ؟



    نجدت لاطة - رابطة أدباء الشام

    ما أشد غفلة المسلمين .. وما أشد غفلة الإسلاميين .. جاءهم مخرج عالمي من الطراز الأول وقال لهم : ( أعطوني ثمن طائرة حربية أُغيّر لكم رأي العالم عن الإسلام ) ولكن لم يلقِ له أحد بالاً ، لا المسلمين ولا الإسلاميين .. وذلك لأن السينما عند المسلمين والإسلاميين من الأمور الثانوية في التوجيه والتثقيف ، في حين أن السينما عند الغرب هي من الأمور الأساسية في ذلك ، بل هي من أشد الوسائل تأثيراً في الناس . وقد قال الرئيس الأمريكي روزفلت وهو يفتتح هوليوود عند إنشائها : من هنا سنصنع عظمة أمريكا . وقال الرئيس الأمريكي بوش الأب الذي أشرف على هندسة المراحل الأخيرة من الانهيار السوفييتي أن مدير شركة ( مترو جولدن ماير ) كان يقول له : إن الهمبرجر والجينز وهوليوود وشركات السكاير هي التي حسمت الحرب الباردة لصالح أمريكا . وبالفعل لعبت السينما الأمريكية دوراً كبيراً وخطيراً في بث عظمة أمريكا في نفوس الشعوب ، لا سيما الأجيال الشابة منهم .
    وقد عرف أعداء أمريكا خطورة هوليوود ، فالرئيس السوفييتي خرشوف قال : أنا أخشى من هوليوود أكثر مما أخشى الصواريخ الأمريكية العابرة للقارات . وقال المخرج العالمي الفرنسي مخاطباً شعبه الفرنسي : ألم أقل لكم منذ ثلاثين سنة أن أمريكا تغزونا بأفلامها ؟؟ .
    وفي المقابل كان يمكن للمخرج مصطفى العقاد أن يلعب دوراً كبيراً في تقديم الصورة الناصعة للإسلام في الغرب وفي العالم ، لأن العقاد رحمه الله مخرج متمرس ومقبول عند الغرب ، ويُنظر إلى أفلامه على أعلى مستوى من التقدير ، تقنيةً وفنياً وموضوعياً . وقد قال فيه المخرج الكبير يوسف شاهين : مصطفى العقاد من أفضل المخرجين في العالم .
    ولكن للأسف خسرنا هذا المخرج العملاق ، ولا يكفي أن المسلمين لم يستفيدوا منه وإنما قتلوه .. لذا حزنت عليه كما حزنت على الشيخ أحمد ياسين رحمه الله وبنفس القدر ، وكما حزنت على صقر فلسطين عبد العزيز الرنتيسي ، وكما حزنت على مهندس الانتفاضة الشهيد يحيى عياش ، بل وكما حزنت على أكبر دعاة الإسلام في هذا العصر ، وبنفس القدر . فأنا أعتقد تماماً أن مصطفى العقاد كان له من الأهمية ( لو قُدم له الدعم المالي ) أكثر من آلاف الدعاة الإسلاميين في الدول الأوروبية والأمريكية ، وكان يمكن لأفلامه التي كانت في ذهنه أن يقدمها عن الإسلام أن تكون عملاً مضاداً قوياً لما يقوم به اللوبي الصهيوني في أمريكا وفي أوروبا من تشويه لتعاليم الإسلام ، وخصوصاً بعد الحادي عشر من أيلول سبتمبر . لأن السينما في الغرب هي أفضل الوسائل للوصول إلى قلوب وعقول الغربيين ، لما تحتويه السينما من متعة وتشويق . أما الوسائل الإعلامية الأخرى فهي أقل تأثيراً حتى ولو كانت هذه الوسيلة هي القنوات الفضائية ، لأن القناة الفضائية التابعة للمسلمين لن يشاهدها الجمهور الأوروبي والأمريكي حتى وإن وُجهت وخُصصت لخطابهم . أما الأفلام فلها تأثير كبير في الغرب ، وخير شاهد على ذلك فيلم ( عمر المختار ) الذي أخرجه مصطفى العقاد ، فقد شاهده مئات الملايين من شعوب العالم .
    وقد كان العقاد رحمه الله يجهّز نفسه لإخراج فيلم عن صلاح الدين الأيوبي ، وذلك ليبيّن للعالم عظمة تعاليم الإسلام التي تجسدت في أخلاق صلاح الدين الأيوبي وهو يجابه الصليبيين ، وكان يقول بخصوص هذا الفيلم : إن هذا الفيلم هو أفضل رسالة للغرب عما يحدث في فلسطين الآن .
    وقد طرح رحمه الله فكرة إنشاء هوليوود إسلامية في الشرق الأوسط ، ولكن حين يطبق الجهل على العقول والقلوب فلن يلقي المسلمون أهمية إلى قيمة هوليوود إسلامية ..
    وكان يمكن للإسلاميين أن يستغلوا مصطفى العقاد أفضل استغلال ، فيقدموا له بضعة ملايين فقط ، ومن خلال أرباح الفيلم الأول يمكن إنتاج فيلم ثانٍ ومن ثم ثالث ورابع وهكذا .. ولكن لم يفعلوا ..
    والمشكلة أن الإسلاميين في الدول الأوروبية والأمريكية يسعون إلى بناء مسجد قد لا يصلي فيه إلا العشرات أو المئات من المسلمين المغتربين هناك ، وقد تصل تكلفة بناء المسجد إلى مليون دولار أو مليونين أو عشر أو عشرين .. وتكون هذه التكلفة من التبرعات من شتى الأطراف ( مسلمين أو جمعيات خيرية أو من الأغنياء في دول الخليج ) ، وتكون النتيجة أن يرتاد هذا المسجد عشرات أو مئات ، ولا يرتادونه من أجل العمل الإسلامي أو الدعوي ، وإنما من باب الصلاة به فقط ، وهذا شأن معظمهم .
    وحين يقال لهؤلاء الإسلاميين : تعالوا واسعوا إلى إنتاج أفلام تصحح نظرة الإسلام في الغرب ، لا تجد أحداً منهم يتحرك أو حتى يقتنع بالفكرة .. والعجيب أنهم يرون بأم أعينهم تأثير الأفلام في الجمهور الغربي . لذا أنا لا أعرف ماذا أسمي هؤلاء الإسلاميين ، هل أشك في نياتهم ؟ هل أتهم عقولهم ؟ أترك الجواب للقارئ . لأن مصطفى العقاد كان يمكن له أن يخدم الإسلام خدمة عظيمة في الغرب ، وكان يمكن خلال سنوات قليلة أن يقدم عشرات الأفلام التي تصحح بشكل كبير نظرة الغرب إلى الإسلام ، وبالتالي يمكن تسهيل عملية دعوة الغربيين إلى الإسلام . بمعنى آخر .. أفلام مصطفى العقاد أفضل وسيلة دعوية لخطاب الغرب .
    ولكن المشكلة أننا قتلناه .. قتلنا أفضل وأكبر داعية للإسلام في الغرب ..
    رحمك الله يا أيها المخرج الكبير .. أعرف أنك الآن تشكونا إلى الله على ما فرطنا في حقك .. خذ راحتك في الشكوى فنحن نستحق أكثر من ذلك .. ولا تظن أن الله غافلاً عن جهلنا وعن غفلتنا .. فها هو الله يرسل إلى المسلمين أعظم الزلازل وأكبر المجازر ( تسونامي ، زلزال باكستان ، مجازر الفلوجة والقائم ، الشيشان ، البوسنة ، أفغانستان ، وفلسطين الجرح الدائم ) .



    نجدت لاطة - رابطة أبناء الشام

    http://www.odabasham.net/show.php?sid=5447

  • حوار مع العقاد في الشارقة


    * لست مثقفاً لكن لدي مخزون أدبي تراثي و إسلامي


    حاوره محمد بن طرجم الدغيلبي

    في مقهى متحف الشارقة كنت اتناول كوب القهوةالمعتاد واقراء الصحيفية اليومية،ولمحت اعلانا عن ندوة تقيمها ندوة الثقافه والعلومفي دبي التي ستتضيف المخرج العالمي مصطفى العقاد،عزمت على الحظور فذهبت في اليوم المحدد ، كان لقاء عفويا أكثر من كونه ندوة طرح فيها اظيف الكثير من همومالتجربه،في نهاية الندوة ذهبت وسلمت على مخرجنا الكبير بتواضعه وخلقه وبساطتهالملاحظة،واخذت منه موعدا فـ استجاب لي على الفور ،وكان اللقاء في فندق البستان في دبيحيث يقيم،التقيته طرحت عليه العديد من الأسئله استقبلها بصدر رحب،آمل أن تستمتعوابه وتستفيدوا مثل ما استفدت واستمتع ...

    س1:- مصطفى العقادالشاب الحلبي المغامر الذي رحل إلى هوليوود وليس في جيبه سوى 200دولار ومصحف وضعهماله والده قبيل صعوده الطائرة، العربي الذي نقل معه حلب إلى بيته في أمريكا، المسلمالذي أخرج فلم الرسالة وفلم عمر المختار،الأستاذ مصطفى العقاد لو تحدثنا عن هذاالمخزون الثقافي والانتماء إلى الجذور.

    ج1:- لا يوجد مخزون ثقافي لتقول أنيمثقف ولا أقدر أن أصف نفسي بالمثقف القارئ للأدب والأشعار وكل ذلك..لا ...لم يكنلدي وقت لممارسة ذلك ولم أمارسه ،ولكن كمخزون تراثي ومخزون تربوي وأخلاقيات إسلاميةبالبيت أستطيع أن أقول لك أن الوالد كان قاسي بالنسبة للتعليم وبالنسبة للتربية فيالبيت، وكثر الله خيره رحمة الله عليه لذلك جذوري التي حفظتها يعود الفضل له فيها،يأتي شباب كثير هناك في أمريكا ولذلك تجد أن الذي جذوره التربوية غير عميقة يبداءيلوي (حنكه) ويغير أسمه،وما أنا فيه الآن يعود الفضل فيه إلى الوالد ولقد أتبعت نفسالطريقة في تربية أولادي وعلى أساس إتباع قيمنا العربية والإسلامية والحمدلله.



    س2:- فلم عمر المختار كان بعد زيارة السادات إلى (الكيان الصهيوني) قلتأنك بعدها بحثت عن موضوع يرمز إلى عدم الاستسلام فكانت قصة المجاهد عمر المختار.ألايوحي لك الوضع العربي الراهن بضرورة عمل سنمائي يكون علامة بارزة في تاريخك الحافلبالإنجازات؟

    ج2:- لا يوجد شك بأن فلم (صلاح الدين) الذي أفكر به منذ خمسسنوات ،ولا أعتقد أن هنالك فلم يصلح لهذه الفترة كفلم صلاح الدين لعدة أسباب كونالإعلام الصهيوني عرف الإسلام بدين إرهابي ونجح في ذلك،وشمل المسيحية واليهودية علىساحة واحدة والإسلام على ساحة ثانية لذلك من الناحية الإعلامية يعد فلم صلاح الدينهو الفلم الذي سيعقد ذلك لأن صلاح الدين يرمز إلى الحروب الصليبية التي كانت عملإرهابي باسم الدين ،ولكن ليس بإمكاننا أن نصف المسيحية بالدين الإرهابي لآن بعضالأشخاص استغلوه،كما هو الحال في الإسلام ثانيا قضية القدس وفلسطين وعروبتها التيثبتها صلاح الدين ،صلاح الدين حمى الأديان ،لا نركز على المعارك بقدر ما نركز علىالأخلاقيات الإسلامية ،الشهامة التعايش السماحة،كل هذه الأشياء لو كان فلم صلاحالدين يعرض الآن في الصالات لأوصلنا مثل هذه الأفكار،مع أن فلم عمر المختاريمكن أن يكون مناسبا أيضا الآن ،لقد عرض الفلم قبل عدة أشهر في القنوات الفضائيةوتلقيت اتصالات عديدة تقول كأننا نشاهد أخبار الضفة تماما ،مداهمات القرى الدباباتالتي تدخل البيوت وتخربها، مخيمات اللاجئين ،المفاوضات بين عمر المختار وجراد سانيتماما كأنها عرفات و شارون .مناظر الاستشهاد ،لذلك أقول أنه بلا شك يناسب أيضاللقضية الآن ،لكن يضل صلاح الدين له عمق أكثر وأعتقد أنه الفلم الذي كان يجب أنينتج ويعرض الآن.



    س3:- ذلك يدعوني إلى التساؤل عن ماهية الظروف التي تهيأتلفلمي الرسالة وعمر المختار كي يريا النور ولم تتهيأ لفلم صلاح الدين؟

    ج3:- بالنسبة لفلم الرسالة كان أصعب بالنسبة لي لأن الناس لم تكن تعرفني وليس لديالأعمال التي تشهد لي لكن ظروف اجتماعي مع القذافي بلا شك جعلت العمل سهل وكثر اللهخيرهم في ليبيا مولوا الفلمين،وبعد نجاح الرسالة وعمر المختار تلقيت دعوات وعرفأسمي و حصلت على أوسمة وتكريم عند الرؤساء والملوك والسؤال الثاني دائماً هو أنهميريدون أفلام عن أنفسهم !وأنا لا يمكن أن أعرض مثل هذه الأفلام وأدخل في السياسة،نظام يهاجم نظام ،أو أن أخدم نظاماً معين،لا أريد الدخول في السياسات المحلية أناعندي تراث وأمه وتاريخ أريد أن أخدمها فوق السياسات المحلية.فكل هؤلاء موجودوناليوم غداً لن يكونوا موجودين لكن تراثنا وحضارتنا هما ما أريد التركيز عليه. لمأجد الشخص الذي يملك هذا الإحساس لدعم توجهي ، أي أنهم يوافقون على شريطة أن أعملفلم عن كذا...أو كذا..!! وهذا ما لن يحدث أبداًَ.ما فائدة الفلم إن لم يكن به إسقاط معاصر



    س4:- كتبإسماعيل الشطي مره حول الأوضاع العربية الراهنة .متطرقاً إلى اجتماع وزراء الإعلامالعرب على ضوء التطورات الخاصة وانتفاضة الأقصى (ولقد كانت فرصة سانحة لدعم مشروعفيلم صلاح الدين الأيوبي مثلاً، ذلك المشروع الذي ظل مخرجه مصطفي العقاد يطوفالعالم العربي باحثاً عن من يدعمه،غير أنه اكتشف أن هذا المشروع لا يواكب مرحلةالتطبيع التي سبقت انتفاضة القدس!!) انتهى كلام الشطي، هل تعتقد فعلاً أن المشروعلا يواكب مرحلة التطبيع التي سبقت انتفاضة القدس؟

    ج4:- آه حطوا مليون دولار !!!؟ نعم فيها صحة ،يعني كيف التطبيع اليوم، أي فلم تاريخي يستلزم إسقاط معاصرتستفيد منه،الآن بالسيناريو والحوار يوجد مقارنه بين وضع الدول حول إسرائيل تشابهوضع الدول حول فلسطين أيام الاحتلال الصليبي ،دويلات منها من يتعاون مع العدو مجزئهلا توجد وحده ،لما أتى صلاح الدين ونظف الأنظمة ووحد ثم غزا ،هذا الدرس الذي نحننسقطه على أوضاعنا الآن ،هناك بعض الأشخاص يخافون من مثل هذا الأمر كون أننا نتطرقإليهم في الحكم بطريقه غير مباشرة،لكن ما فيه شك يوجد لدينا هذا الطرح ،وما فائدةالفلم إذا لم نسقط إسقاط معاصراً، فوضعنا الآن يشبه تماماً وضعنا أيام صلاح الدين.



    س5:-ما هو دورك في إعطاء الفرصة للممثلين العرب للخروج إلى العالميةفرصة التمثيل في "هوليوود" على سبيل المثال؟

    ج5:-أولا لا يوجد شئ اسمه عالمي وآخر اسمه محلي ،العالمية هي لغة وتقنية ،لذلك ليس هنالك فرق بين ممثل عالمي وآخرمحلي وقد برهنت على ذلك بفلم الرسالة،فالنسخة العربية بممثلين عرب ،والنسخة ألإنجليزية بممثلين إنجليز ،لم يتفوق أحد على الآخر أعني بين عبد الله غيث وأنتونيكوين ،في بعض المشاهد كان عبد الله غيث يتفوق وفي أخرى كان أنتوني كوين يتفوق ،لذلكلا يوجد شئ أسمه عالمية ،حين تعطي عبد الله غيث التقنية التي تعطيها لأنتوني كوينيعطيك كما يعطي أنتوني كوين ،ثالثاً اللغة الأمر بحاجة إلى شخص يجيد اللغةالإنجليزية ،رابعا حين أتوجه إلى العالمية وأنا هنا لا أعني بالعالمية العليائيةفالعالمية عبارة عن لغة وتقنية ،وهي تتيح لي مخاطبة الغرب ،وحين أخاطب الغرب فيجبأن أخاطبهم بلغتهم بممثليهم ،فاليوم مثلاً لو عرضنا فلم الرسالة في طوكيو بالنسختينلعبد الله غيث و أنتوني كوين فالنتيجة بطبيعة الحال سوف يكون الإقبال أكثر علىأنتوني كوين .وينسحب الأمر على برلين ونيويورك لأنه عالمي وله إقبال ،ليس لأنه يمثلأفضل وإنما لأنه مشهور أكثر ومعروف عالمياً.لذلك أي ممثل عربي يتقن اللغة يمكن أنتتاح له الفرصة ،وهناك أمر آخر بأني لم أصل إلى مرحلة من القوة ،فأنا أعتمد علىالممثلين ،ففلم الرسالة وعمر المختار إذا لم يحوي أسماء مشهورة من الذي سوف يشاهدها؟‍‍!! لذلك هذا السبب آخر ولكن مع الوقت إنشاء الله تتحسن الأمور.



    س6:- أتسائل عن الحلم الذي يدور في مخيلة العقاد و لم يتحقق إلى الآن وكيف سيعمل على تحقيقه؟

    ج6:-حلمي هو مدينة سنمائية أو مجمع سنمائي للإنتاج على مستوىالإنتاج العالمي بروح عربية إسلامية بمستويات الرسالة في مكان ما في العالم العربي،تصوري لهذه المدينة أنها مدينة لا تبنى فأنا أفكر في نقل التجربة الأمريكية مثل (يونيفيرسل ستوديو) في هوليوود ،فلو قدرنا لنا أن نعمل فلم الرسالة وتركناالديكورات والملابس موجودة لأصبح لدينا مخزون ولاستطعنا أن نعود ونصور مئات الساعاتلنفس الفترة التاريخية بربع التكلفة،وكذلك نعمل صلاح الدين ونتركها ونعمل الأندلسوهكذا فيصبح لدينا في هذا المجمع أستوديو على مستوى عالمي ،وفي نفس الوقت يصبح لهمردود سياحي يزوره السياح وكما تلاحظ أن هذا الأستوديو لا يبنى وإنما يتكون منميزانيات الأفلام ، فنحن نصرف ثلث الميزانية في استئجار الأستوديو والكاميراتوالفنادق فلو أننا استثمرنا هذه البالغ في مثل هذا المجمع لتكونت لدينا أصول وتكونتالمدينة تدريجيا



    .س:- ماذا عن مدينة 6 أكتوبر في مصر؟

    ج:-نعم لقددعيت إليها وشاهدتها ،فسألت المهندس الذي كان يرافقني لماذا حين أريد التصوير أذهبإلى الأستوديو؟ أنا أذهب إلى الأستوديو لأنه يوفر لي حرية أكبر في إزالة هذا الحائطأو تغيير مكان الإنارة أو مكان الكاميرات فالمسألة معتمدة على أن يكون الديكورمتحركاً هذا هو معنى الأستوديو وإلى لكنا صورنا في البيوت ،ولكن الحاصل أنهم بنوهابالأسمنت المسلح!! كنا واقفين في أحد الشوارع في القرية الفرعونية فقلت للمهندس علىافتراض أنا صورنا فلم في هذا الشارع فهل أصور الفلم الذي بعده في نفس الشارع أيضاً .لو قدر للمهندس زيارة لوس أنجليس (يونيفيرسل ستوديو) لمدة يومين لشاهد أنها كلهاواجهات.المدينة التي احلم بها سوف تكلف 150 مليون دولار تمول من ثلث ميزانيةالأفلام بطريقة تراكمية، فيصبح لديك أصول من الميزانيات السابقة للأفلام التي تضيع إذا ذهبت استأجرت بها




    هذا السيناريو أحلم بتقديمه بعد صلاح الدين!!


    س7:- هللك عودة إلى العالم العربي للعمل على نهضة المشروع الفني العربي؟

    ج7:- دائماما أحرص على العودة بين فترة وأخرى وأنا أسميها "حج" أنشحن فيه قومياً ودينياً،ودوماً ما أحاول وأحاول ولكن هنالك دوما معوقات ولكن نحن على أمل أن تزول هذه المعوقات.



    س8:- إذا كان لي تصور لعمل فني رائع، ما رأيك في إخراج فلم عن آخرأيام العرب في الأندلس ،أو حياة بدوي تتمثل فيها كل القيم العربية الأصيلة بوجهح ضاري؟

    ج8:- لا ،بالنسبة لآخر أيام العرب في الأندلس فهذا الموضوع الجميليوجه فقط إلى عالمنا العربي أنت تعني سقوط الأندلس؟ سقوط الأندلس لا نوجهه إلىالعالم بل نوجهه إلى أمتنا حتى نتعلم منه درساً!!


    (مداخلة) :- سمعنا أن لديكفكرة فلم تدور أحداثه بين إنجلترا و الأندلس ، لو تحدثنا عن فكرة هذا الفلم؟

    ج:- نعم هذا هو السيناريو الثاني الذي أحلم به بعد صلاح الدين ،كانت البداية في لندنوكنت أقراء جريدة "الصن دي تايمز" فوقعت عيني على مقال عن ملك إنجلترا (جون الثالث) عام 1213م ،الذي ورد فيه أن ملك إنجلترا أرسل وفد إلى الخليفة في الأندلس يعرض عليهثلاثة أمور ، أولاً:- أن تكون إنجلترا تحت حماية الخليفة.ثانياً:- إنجلترا تصبح مسلمة.ثالثاً:- إنجلترا تدفع الجزية إلى الخليفة.فبدأت أضحك ، فتساءلت هليعقل أننا كنا في وضع أن إنجلترا تكون تحت حماية الخليفة‍‍!! لأنه أصبح لدينا مركب .فدققت فإذا بي أجد الوثيقة بأسماء الوفد ومؤرخة.الوفد ذهب إلى قرطبة وكانت مدينةالإشعاع العلمي في العالم ،وقابلهم الخليفة وسمع إلى رسالة الملك ،ثم قال : إن أيملك يسيطر على شعبه ويسلم هذه السيطرة إلى قوة أخرى لا يستحق حمايتنا ،وطرد الوفد. ثم وصف كاتب الموضوع وهو إنجليزي ذلك بقوله (ليست القوة والجبروت ولكنها العقلانية) .فولدت لدي فكرة السيناريو الذي وضعت له إسقاطاً معاصراً وقارنت كيف أن العرب الآنيذهبون إلى لندن وباريس وهم منبهرين بهذه الحضارة ،وتصورت الوفد الإنجليزي وهميدخلون بنفس الانبهار على وجوههم ،ثم تلك اللمسات البسيطة ،كيف أنه لم يسمح لهمبالدخول على الخليفة قبل أن يغتسلوا لأنهم لم يغتسلوا منذ عام!! لأنهم لا يعرفونالحمامات التي كانت تشتهر بها قرطبة، هذا موضوع مهم جداً كي نري هؤلاء الهمج فيأوربا الذي يفترض أن يكونوا هم وجهة الحضارة الآن ،أننا نحن من أعطاهم الحضارة والعلم، والرياضيات والفلك. هذه أمور يمكن تخفى على البعض منا، لذلك أرى أن هذاالفلم مهم حتى يرفع من معنويات أمتنا وكذلك نوجه به رسالة إلى الغرب بأننا منأعطاهم هذه الحضارة.أما بالنسبة للموضوع الآخر فنحن أساس أخلاقياتنا تنبع منالبداوة الكرم الشجاعة حسن الضيافة .ويمكن أن أكون من الطراز القديم ويمكن أن يكونهذا الشعور ينموا فيني أكثر لأني عشت في الغرب وعندما أقارن ألمس قيمة أخلاقياتناوتربيتنا عندما أرى الانحلال الأخلاقي الذي تعيشه أمريكا من المخدرات والشذوذالجنسي وكل هذه الأمور.



    س9:- هل تنصح الشباب بسلوك الطريق الذي قد سلكته؟

    ج9:- طبعا أنصح ،أتمنى أن يكون العدد في العالم الغربي أكثر كي نفيد أمتناأكثر في مجال الإعلام لأن ظروفنا الحالية في البلاد العربية لا تساعد على الإبداعوالانطلاق ،فنرى أن الذي يخرج ينجح أكثر من ما إذا بقي في البلادالعربية.س:- هذا الأمر يطرح لدي تساؤل ،لماذا فقط مصطفى العقاد ؟!! فنحننطمح في أن يكون لدينا على الأقل العشرات من أمثال مصطفى العقاد ،وأين هو دورك فيدعم المخرجين العرب الجدد هناك؟ج:- أنا أدعم ولكنني نفسي بحاجة إلى الدعم،ولكن دعني أقول لك لماذا فقط مصطفى العقاد ،لقد أتى الكثير ولكن السر يكمن فيمحافظتي على تراثي وقوميتي وديني وهذا ما يعطيني إضافة عن البقية ،لقد قلت لك أنهيأتي الكثير ولكن ما يلبث أن يغير من لهجته في الحديث محاولاً تقليد الأمريكانومنهم من يغير أسمه فلقد قالوا لي في هولوود أن أسم مصطفى أسم غير مناسب وعرضواتغيير أسمي ،فقلت أسمي الذي أعطاني الوالد لا يمكن أن أغيره!! وأبقيت أسمي مصطفىالعقاد كما كان أعرف الكثير ممن غيروا أسمائهم إلى بوب وجيم ولوي على سبيل المثالولمست أنهم في هولوود يكونون أكثر حذراً عندما أقدم نفسي بمصطفى العقاد ولكن معالوقت لمست احترامهم لي أكثر من هؤلاء الذين غيروا أسماءهم .أنا أحترم الشخص الذييحترم نفسه ويعتز بهويته وأقدم له الدعم،ولكن أقول أن ما قدمته ليس عبقرية ،ولكنأنصحهم بإزالة مركب النقص الذي اختفى لدي عندما رأيت الألماني والفرنسي والأمريكيلا يفرق عني بشيء وأصبح سعري بسعرهم، لذلك أحاول أن أنقل هذه التجربة إلى أمتي التيتظن أنها العالم العاشر.وأن لا نضع اللوم على الرأس مالية والإمبريالية والصهيونية،المرض مننا وفينا نحن!! ..هذا هو أهم مشهد ولن أنساه في حياتي



    س10:- لو رجعت بك الأيام ما هي الإضافات التي كنت ستضعها في فلم "عمر المختار" مثلاً ،حتى تراه حياً في تأثيره هذه الأيام؟

    ج10:- شوف هذاسؤال كبير ولكن من الممكن أن لا أضع شئ وخاصة الآن عندما أشاهد الأخبار وأعتقد أنأجمل شئ قمت به في ذلك الفلم هو عندما ختمت الفلم بمشهد استشهاد عمر المختار ،ليسفقط الاستشهاد بقدر ما هو مقابلته بالزغاريد، أذكر عندما قابلت حسن نصر الله فيبيروت وكرمني قال لي : هذا المشهد أهم مشهد ولن أنساه وهو الاستشهاد وزغردتالاستشهاد.لذلك لا أعتقد أني أستطيع أن أضيف له أكثر من ذلك.



    س11:- ابنمصطفى العقاد، هذا الشبل من ذاك الأسد ما هي ملاحظاتك على أبنك وهل تعتقد أنه يكمل مسيرة والده إن شاء الله؟

    ج11:- نعم لديه الغيرة الإسلامية والعربية ،وقد درس السينما ، ولقد كان يدرس من دون علمي ،وقد فاجأني بالشهادة ،وفاجئني بالأفلام التي عملها للتخرج لقد جعل الدمعة تخرج من عيني ،وسألته لماذا لم تقل لي،فقال: أريد أنأعملها لوحدي كما عملتها أنت لوحدك ولكن أنت كان طريقك أصعب .لقد كان يشتغل معي في البداية ثم غاب عني سنتين أو ثلاثة فقلت أن هذا الولد قد خرب ،وإذا بي أفاجئ بكرت الدعوة لتخرجه!! لقد اخذ فيلمه الذي أعده للتخرج الجائزة الأولى في أمريكا كلها كأحسن فلم تخرج.



    س12:-ما هو رأيك في المهرجانات السنمائيه العربية؟

    ج12:- أحب أن أذهب إلى المهرجانت العربية وأن كانت القضية بالنسبةلي تتعدى الجوائز والتكريم والتسويق إلى التواصل مع الزملاء والفنانين والمخرجينلأتعلم منهم ويتعلموا مني، وأنا أستفيد كثيراُ من وجهات النظرالمطروحة.



    س13:- الكلمة الأخيرة لك أستاذ مصطفى.

    ج13:- لم تجعل لاكلمة أولى ولا أخيرة_ قالها ضاحكاً _ وأشكرك على هذا الحوار الممتع.



    * وجدنا هذه المقابلة على صفحات بعض المواقع .. و لا يعرف المصدر الاساسي لها

  • اغتيال حلم مصطفى العقاد .. و المشهد الأخير



    اغتيال حلم مصطفى العقاد.. والمشهد الأخير



    علي سعيد القحطاني - المجلة الثقافية



    في إحدى المناسبات الثقافية وقبل سنوات، شرفت بلقاء هذا الرجل في ردهات فندق الإنتركونتننتال بالرياض، حينها لم أصدق أن الذي أمامي هو المخرج العالمي مصطفى العقاد الذي طالما أمتعنا بأعماله السينمائية التي تجمع ما بين المتعة والفكرة، رأيته - وهو يمسك بغليونه الفاخر الذي دائما ما يتباهى بإشعاله - يتحدث عن ثقافة الصورة والفن السابع، لم تنسه أضواء هوليود ونجوميتها انتماءه لأرومته العربية. كان يتحدث عن الصورة الحقيقية للحضارة العربية والإسلامية وما تحمله من تسامح وصفاء وتآخٍ مع الآخر، وطالما نادى بذلك في روائعه السينمائية الخالدة. ومن منا لم يشاهد فيلم (عمر المختار) الذي جسد من خلاله كرامة الإنسان وتحرره من كل القيود، ونهاية مشاهده التي أبكت الصغار قبل الكبار حينما سقطت نظارة الممثل العالمي أنتوني كوني الذي استطاع أن يجسد تلك الشخصية/ الرمز إلى درجة تفوق الوصف وتصل إلى حد الإقناع وتوهم المشاهد بأنه الشخص الحقيقي لعمر المختار.. وكذلك استطاع أن يوصل من خلال فيلمه (الرسالة) الرسالة الحقيقية للدين الإسلامي الصحيح إلى المجتمع الغربي.. وكان يرى أن العالم العربي يستطيع أن يقنع ذلك (الآخر) بما لديه من رؤى وأفكار حول مجمل من القضايا والأحداث، عبر بوابة هوليود وكان - يرحمه الله - شأنه شأن أي مبدع عالمي ما أن ينجز حلما حتى يراوده حلم جديد وكان يتمنى أن يرى عمله السينمائي عن (صلاح الدين) النور إلا أن سلاح الغدر والأيادي الملوثة بالإرهاب اغتالت هذا الحلم.

    كان الحلم يراود مصطفى العقاد منذ الصغر أن يصبح أحد أهم صانعي القرار ومخرجي الأفلام في البيت العالمي للسينما (هوليود) ويحكي عن حلمه لأقرانه من أبناء ضيعته فتضج المدينة ضاحكة من حلم هذا (الفتى) وتقول له كما جاء في حواره مع - مجلة عربيات الإلكترونية - (احلم على قدك، اذهب إلى الشام أو مصر لتدرس الإخراج هناك.. لكنني كنت مصمماً على هوليود). وفعلا قرر مصطفى العقاد أن يعقد العزم على تحقيق حلمه وكان حينها طالبا في إحدى المدارس الأمريكية عندما قدّم طلبا لجامعة (يو سي إل آي) وحظي بالقبول فيها، عندها قال والده: افعل ما تشاء لكنني غير قادر على إعانتك مادياً. ومكث عاما كاملا يعمل من أجل أن يوفر ثمن بطاقة الطائرة وقبل رحيله إلى بلاد ما وراء المحيطات، أعطاه والده مصحفاً و200 دولار وهذا كان أقصى ما يملك.



    ما يميز هذا الرجل الآتي من الشرق أنه لم ينبهر بالأضواء الغربية وما لديها من مفاتن حضارية، بل كان يؤمن بانتمائه إلى التاريخ والأرض واللغة، وكان يعتز بدينه وقوميته ويشدو بالغناء لتلك الحضارة ويقول: (الرحلة كانت شاقة، فلقد ذهبت فقيراً مادياً، لكنني غني دينيا وتربويا وقوميا وهذا كان رأسمالي.. وعندما وصلت إلى أمريكا وعرفت المجتمع هناك قدّرت قيمة الأخلاقيات التي رباني عليها والدي، لكنني لا أنكر أنني حملت معي بعض مركبات النقص وعلى مقاعد الدراسة ومع الاختلاط بجنسيات عدة اكتشفت أنه لا شيء ينقصني كوني مسلما وعربيا.. وبعد هذا الاكتشاف حدث انقلاب في تفكيري ومركب النقص تحول إلى ثقة ومن هذه النقطة بدأت أنقل الخبرة إلى وطني وصممت أن أقدم لأمتي خلاصة تعبي وتصميمي وذلك عن طريق الأفلام السينمائية وتوجهت إلى التاريخ، ففي يوم من الأيام علمنا (الهمج) الأوروبيين! نحن من علّم الفلك والطب واكتشف الأبجدية).



    يعد مصطفى العقاد أنموذجاً حيا وواعياً للإنسان العربي المسلم الذي استفاد من معطيات الحضارة وحداثتها، يقرأ واقع أمته على ضوء التاريخ ويرى أن الأزمة التي تعيشها الحضارة العربية تعود إلى عدم اعترافنا بالأخطاء ودائما لدينا (الشماعة) التي نعلق عليها أخطاؤنا. وظلت روحه وحتى الرمق الأخير متعلقة ب(القدس) فهو من خلال حلمه لإخراج فيلم عن (صلاح الدين) الذي لم ير النوى بوفاته يريد أن يؤكد عروبة (القدس) ويقول: الآن هو التوقيت المناسب لفيلم صلاح الدين، وهناك عمل آخر لم ير النور بعد وهو فيلم (صيحة الأندلسية) والمرأة التي حكمت الأندلس في القرن الثالث عشر الهجري، وكان يريد من خلال أفلامه تلك أن يوصل رسالة للمشاهد مفادها أن العالم كان في يوم ما مبهوراً بحضارتنا المجيدة في بغداد ودمشق وقرطبة، ويعلق المخرج بأسى عن هذا الوضع ويقول: إنه لإسقاط معاصر مريع، اليوم يذهب العربي إلى أوروبا مبهورا بالحضارة الغربية.



    إذن كان لديه مشروع فيلمين لم يريا النور بعد (صلاح الدين) و(صيحة الأندلسية) ودائما ما كان يبحث عن ممول في الفيلم الأول، ونجزم أن لديه العشرات من السيناريوهات والقصص التلفزيونية ما تزال قابعة في أدراج مكتبه. وتلك إشكالية يواجهها المبدع العربي فهو يشكو من جحود مجتمعه الذي لم يعِ قيمة (الكلمة) بعد، لذا نتوقع أن يكون مصير أعمال مصطفى العقاد التي لم تر النور بعد كمصير أسلافها من الأعمال المجهولة التي درست وبادت وانقرضت بموت أصحابها المبدعين وأصبحوا في ذمة التاريخ.



    ونحن نجزم بأن لو كتب لمصطفى العقاد في سنيه الأولى البقاء في مجتمعه، لما رأى فيلميه (عمر المختار.. والرسالة) النور بعد.. حقاً إننا مجتمع يئد أبناءه المبدعين.





    المجلة الثقافية - علي سعيد القحطاني

  • مصطفى العقاد: "وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر"

    مصطفى العقاد: "وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر"

    د. فيحاء عبدالهادي - الشروق الاعلامي الأدبي




    "التطرف بكافة صوره هو عين الجهل"مصطفى العقاد
    في يوم الأربعاء، في التاسع من تشرين الثاني، من العام ألفين وخمسة ميلادية، قضى المخرج السينمائي العربي والعالمي، مصطفى العقاد، في انفجار وقع في العاصمة الأردنية/ عمان، أودى بحياة عشرات من النساء والرجال والأطفال.


    لم يكن على "موعد مع الخوف". كان العقاد على موعد مع ابنته، مع الحب القادم من لبنان. اختلط الأحمر والأسود، الأسود والأحمر. اختلطت زغرودة الفرح، بحشرجة الموت، وأنين الجرح. صرخ الدم وبكى القلب. وحين غابت ريما؛ غاب العقاد عن الوعي، ثم غاب عن الحياة.



    ما أشد فجيعتنا في موت مصطفى العقاد، فمن نعزي؟! هل نعزي أسرته، أم الشقيقة سوريا؟ أم نعزي أنفسنا، أم الفن الإنساني الخالد وشعوب العالم؟!



    هو صاحب "الرسالة"، العام 1976? التي أراد من خلالها أن يقدم الحقيقة عن الإسلام، من خلال قصة درامية، وقيم فنية، تساهم في تجسير الهوة مع الغرب. وكان أول فيلم إسلامي يخاطب الغرب، باللغتين العربية (تمثيل منى واصف وعبد الله غيث) والإنجليزية (تمثيل أنطوني كوين وإيرين باباس). ومخرج "أسد الصحراء: عمر المختار"? العام 1980? بالإنجليزية، (تمثيل أنطوني كوين، وأوليفر ريد وإيرين باباس)? حيث قدم من خلاله، حياة القائد عمر المختار، الذي تزعم ثورة ضد الاحتلال الإيطالي. أظهر العقاد الوجه الإنساني للمقاومة، وكشف الوجه اللاإنساني للاستعمار والاحتلال. هو صاحب الفيلم التسجيلي الوثائقي "قصة حياة عبد الناصر"? باللغة الإنجليزية، والذي منع لسببين يتعلقان بفضحه ?لإرهاب: تفجير اليهود لسينما "لافون" بالقاهرة، وقصف الإسرائيليين باخرة التجسس ليبرتي، في البحر الأبيض المتوسط، واتهام المصريين بتنفيذ العملية زوراً. قدم أفلام الرعب "هالووين"، التي ساهم فيها، منتجاً حيناً، وممثلاً حيناً آخر، منذ العام 1978- 2002. منها: "بعد عشرين سنة"? ?"الانبعاث"? ?"موعد مع الخوف"? ?"موسم الساحرة" ?"الكابوس لم ينته بعد" ?"عودة مايكل مايرز" ?"لعنة مايكل مايرز". وكان واحداً من النقاد الدائمين الفاعلين المتميزين، في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، خلال السنوات العشر الأخيرة. وهو أيضاً صاحب الحلم، بإنتاج فيلمين عن "ملوك الأندلس" ?"صلاح الدين"? حيث أراد من خلال "ملوك الأندلس"? أن ينبه العرب إلى خطورة خلافاتهم، ?الاحتكام إلى مصالحهم الشخصية، وأراد من خلال "صلاح الدين"، أن يبعث الأمل، وينبه إلى خطورة دور قائد، ذي شخصية قوية جامعة وموحدة. وأن يثبت عروبة القدس.



    من الذي قتل مثل هذه الموهبة الفذة، وتلك الطاقة المبدعة؟ هل هي الأداة التي فجرت نفسها؟! أم هو الفكر الإرهابي الأعمى؟! وكيف يكون ردنا؟ هل يكون صنواً لجهل القتلة أم صنواً لإبداع الضحية؟ هل نشجب ونندد فعل الإرهاب؟ أم نفضح ونعري كل وجوهه، ?أقنعته المتعددة؟!



    يذكّر الفرح بالفرح، والدم بالدم، والمأساة بالمأساة، والإرهاب بالإرهاب؟! يتشابه مشهد العرس الدامي، لمجموعة من الأبرياء، يوم الأربعاء، في فنادق عمان، بيوم الخميس الدامي، في بغداد، حين دخل انتحاري إلى مطعم شعبي (قدوري)? ولم يكن هناك أمريكيون. كان هناك فقراء، يتناولون وجبة الإفطار؛ فسقط ثلاثة وثلاثون قتيلاَ، وجرح عشرون آخرون؟! نتذكر ضحايا الإرهاب في مسرح ثقافي في قطر، وفي الجزائر، ومصر، والمغرب، وسوريا، والرياض.



    أليست اللحظة مواتية لفتح ملف الإرهاب، بكل صوره؟! إرهاب الأفراد وإرهاب الدول؟!



    أليست اللحظة مناسبة للتساؤل، عمّن شجع الإرهاب، ودعمه كحركة سياسية اجتماعية، ضد نزعة القومية الوحدوية، والعَلمانية العربية؟!وهل نتج عن التدخل العسكري الغربي، في البوسنة وكوسوفو وأفغانستان، سوى الإرهاب؟! وما الذي نتج الآن عن سياسة الولايات المتحدة، في الشرق الأوسط؟ والتي هدفت إلى إحداث تغيير في أنظمة الحكم في العراق وفلسطين؟ وأرادت أن تحقق الديمقراطية، بالترسانة العسكرية الأمريكية؟! أليس الإرهاب بأبشع صوره؟! ثم ألا يذكِّرنا إرهاب الأربعاء الدامي، في عمّان، في التاسع من تشرين الثاني، من العام ألفين وخمسة، بإرهاب خان يونس الدامي، في الثالث من تشرين الثاني، من العام ألف وتسعمائة وست وخمسين؟! وماذا عن مجزرة كفر قاسم، ودير البلح، والمالحة، ورفح، ودير ياسين؟! وماذا يمكن أن نسمي مجزرة ملجأ "العامرية" في العراق؟ وما حدث ويحدث في "أبو غريب" ?"غوانتانامو"?!



    *****



    صدق العقاد، "الكابوس لم ينته بعد"? السكين على رقابنا جميعاً؛ إذا لم ننبذ نظرية المؤامرة - التي ?علق عليها كافة مشكلاتنا -? ونقف وقفة واحدة حازمة، ضد تشجيع الإرهاب، أو تبريره، أو خلطه بالمقاومة المشروعة للاحتلال والاستعمار. علينا نشر ثقافة السلام بمعناها الواسع، التي ?عني قبل كل شيء: إنهاء كل احتلال، ومنح الثقة لشعوب العالم، كي تبني استقلالها بنفسها، وتحتكم إلى الشرعية الدولية، لا إلى شريعة الغاب. يومها قد ينتهي مسلسل العنف الدموي، ويتحقق الأمان الإنساني، لشعوب العالم.



    مصطفى العقاد، أثّرت في وعي أجيال من الأطفال والشباب والشابات العرب، ومثلهم من شعوب العالم، فلم تكن متعصباً سوى للفن الأصيل، حين لم تدعم شباب السينمائيين العرب، - من خلال دعم مهرجان أسوان السينمائي الأكاديمي فقط -? بل دعمت الشباب الأمريكي أيضاً، - حين أتحت لهم، فرصة تقديم إنتاجهم-. وكنت ?ول من دفع بالسنما العربية إلى العالمية، وكنت شجاعاً في طرح صورة ثقافية مغايرة، لما يشيع الغرب عن الإسلام والعرب، من تشويه. ولم تتنكر يوماً لاسمك، ووطنك الأم، ودينك، وعروبتك.لم تبكك أعين من عرفت فقط؛ بكتك عيون الشعوب العربية، عندما بكت جميع من قتلوا ضحية الإرهاب، وحين بكت موهبة عربية وعالمية فذة. سوف يبقى اسمك، وإنتاجك الفني؛ نجماً لامعاً في سمائنا، وسنردد قول أبي فراس الحمداني: "وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر".



    وفاؤنا لذكراك، لن تكون صادقة، سوى بالعمل على نبذ التعصب، ومحاربة الجهل والفكر الظلامي، ومواصلة "الرسالة"? وإنتاج الفن الثقافي التنويري التقدمي، وتحقيق حلم إنتاج مشروع فيلميك: "ملوك الأندلس" ?"صلاح الدين".



    لطالما أحببت مظاهر الفرح، والزينة، كما يشهد محبوك وأصدقاؤك. نعدك أن ننبذ ثقافة الموت، وننشر ثقافة المقاومة، التي تعني الحياة، وأن نعلي قيمة الفرح، "ما استطعنا إلى ذلك سبيلا".



    د. فيحاء عبدالهادي - منتدى جريدة الشروق الاعلامي الأدبي



  • مصطفى العقاد: مات قبل أن يموت


    مصطفى العقاد: مات قبل أن يموت


    ثريا الشهري - الشرق الأوسط


    «الصراخ لا جنسية له، وكذلك الدموع، والدم الذي سال.. ليس قابلاً للتصنيف إلى نخب أول، ونخب ثان، ونخب عاشر» هكذا يقول شاعرنا نزار قباني، وكذا نردد معه، فليس هناك من عمومية أو خصوصية في الموت، ولكن يصح أن يموت من انتصر على المنية بعمله، فحمل معه أثناء حياته جواز سفر فتح له المطارات بلا أختام ولا تأشيرات، إنهما فيلما «الرسالة» و«أسد الصحراء: عمر المختار» لصاحبهما المخرج الكبير مصطفى العقاد، الذي استدرجه قدره لموته، فتوفي بإخراج غبي من مصاصي دماء أقنعهم شيطانهم بشهوة القتل باسم الدين، فعن عبثية الإجرام لا تسأل، ولكن سل عن موقف الحضارة من هادم يبقى، وبان يموت، فالعقاد قد أهدى الإسلام فيلمين لن تفلح كل أفلام قطع الأمل واغتيال العقل التي يخرجها الفشَلَة، أتباع الزرقاوي في الصمود في وجه خلودها، فمنا شاهد فيلم الرسالة ولم ينفطر قلبه حباً للدين وللرسول صلوات الله عليه وسلم! منا شاهد «الرسالة» ولم يعتصر ألماً وشوقاً لرؤية حمزة رضوان الله عليه، وسهم العبد وحشي يخترق صدره وقد تخلت الشاشة عن صوتها وموسيقاها لتتجمد الدنيا عند اللقطة الدامية في ذاكرة الإسلام! منا تعرف على المجاهد الليبي عمر المختار ضد الاحتلال الإيطالي لبلاده قبل أن يتجسد في أروع الأفلام وأقواها نطقاً لمعنى الجهاد، وشرف المقاومة، حتى إذا وقع الشيخ الجليل في الأسر، وجاءت مساومة المحتل مقابل تخليه عن قضيته، أبى المجاهد الطاعن في السن التنازل، وتمنى على محتله الأجنبي ألا يتقوّل عليه بعد موته ما لم يقله في غرفة المقايضة، فإذا حانت لحظة الإعدام، ترى القائد الإيطالي وهو ينظر إلى الجسد المدلى، لا يملك غير البكاء عليه حرقة واحتراماً.
    نعم، هذه هي البطولات الإسلامية التي كان يجب أن نحرص ونفخر نحن المسلمون على خروجها للشمس، لترى أجيالنا، كيف أن نماذج قد حفرت اسم دينها عالياً، وعلى طريقتها، فالملك يغيّر العالم، والصعلوك يغيّر هو الآخر، ولكن يظل اختلاف الوسيلة والسلوك هما المعياران في القياس، ونحن أمة محمد لدينا من التجارب القادرة على تحريك المياه الآسنة داخل الإنسان العربي ما لم نلجأ إليه حتى الآن، وهو ما فطن إليه مخرجنا الراحل، الذي لم يتوجه إلينا فارضاً نفسه بقصيدة مفردة المعاني، ولكنه استعمل لغة قادرة على جملة الاختراق والتواصل، لغة الحركة، التي هي أقوى من كل الكلمات، فالصورة المعبرة بألف كلمة، وقد نقرأ مقالاً طويلاً فتأتي لقطة يتيمة فتختزل كل أبجدياته.
    كان حلم العقاد أن يخرج فيلماً يحكي عن البطل صلاح الدين الأيوبي، الذي لم نكن أحوج إليه برؤية موضوعية عقلانية كما نحن عليه اليوم، وقد ألحّت على الرجل أمنيته أن يحققها وبالذات بعد أحداث سبتمبر، في محاولة منه لتوزيع التحامل الذي شن على الإسلام وأهله، ولا نظن أن فيلماً ينصف المسلمين سيموّل وبحماس من قبل غير المسلمين، وهو العمل ذو الإنتاج الضخم الذي لا يقدر عليه شخص بعينه إلاّ إن كان من أصحاب الخانات الصفرية الممتدة، إنه الواقع الذي استوعبه الرجل ولم يتأخر، فقاده هاجسه إلى ذوي الأرقام المفخّخة ليقنعهم بمشروعه، وكم نال من وعودهم، وكم نام على أحلامه، والغرب يتفنّن في إنتاج ما يخدمه، والعرب يكتفون بأفلام الزرقاوي المقززة، ومع ذلك لم ييأس الرجل وظل قابعاً في بهو أكبر الفنادق العالمية تحسباً لخلق الفرصة الصادقة، ولكن كلنا نعلم أين تذهب ثروات أغنياء العرب بكل اعتزاز، وكلنا نعلم أين يشح صرفها نزولاً عند الرغبات المصلحية، وتجنباً لتسجيل المواقف المحددة، حتى إذا غادرنا من أتقن أدوات الصنعة، وكان مستعداً لتوظيفها جنباً إلى جنب مع بدلة «السموكن»، وعباءة العربي، مع طقس الشتاء في هوليود، والصيف في القدس، بمراعاة فارق التوقيت واللغة، ليمزج خطابي الشرق والغرب في خطاب واحد، قد ينجح في دمجه، وقد ينقص في تجربته، ولكنه حتماً كان سيضيء أكثر من شمعة في ظلأمنا المربك، أقول وقد رحل رجل الإخراج، سنشهد تسارع المحطات الفضائية بتذكر أعماله ومقابلاته، ولا نستبعد أن يجيز الأزهر عرض «الرسالة»، وقد يكرّم بعد موته كالعادة ويتسلم الورثة جائزته، ولكن أبداً لن يهدأ السؤال «إياه» من دورانه الفلكي: لم نحن مفلسون في اقتناص الفرص؟
    لا نعرف قيمة الأشياء إلا بعد أن تودعنا، أليس هذا سبباً كافياً لتقهقرنا! فالعقاد لم يمت لحظة فارقته الروح، لقد اغتلناه ألف مرة يوم تركنا موهبته تضيع وسط الرماد، فمنذ إخراجه لفيلم الرسالة في عام 1976، وكان له من العمر واحد وأربعون عاماً، كان أمأمنا حتى يوم وفاته ثلاثون سنة كاملة لنلتفت إلى ما في حوزة الرجل، ولم نفعل، وليتنا فعلنا.
    حتى لقد تبرع أستاذنا سمير عطا الله في معرض حديثه عن صديقه بمعلومة توجهت إلى إحساسي بالخسارة لتثقله، فالرجل الذي فقدنا كان بصدد إخراج فيلم عن شخصية الملك عبد العزيز، ولئن كان صلاح الدين بطل العصور القديمة، فماذا عن قائد العهد الجديد! وحكايات شجاعته وحكمته في التوحيد، إن نظرة واحدة للفوضى من حولنا لتقطع بفضل كلمة «الوحدة»، ومع هذا، بقي المشروع حلماً، وخبراً معلقاً ينتظر الترجّل.
    يؤسفني الاعتراف بأن فيلمي «آلام المسيح»، و«فهرنهايت11/9» قد أثبتا أن ساحة السينما ليست مسوّرة بقضبان الحديد الصهيونية كما تحججّنا بها دائماً، فمن لديه طرح جريء وميزانية أجرأ فليتفضل، لن يزف بالورود هذا طبيعي، ولكن لن يضرب بالمنجنيق موتاً، ثم، ألا تستدعي كربلاء العراق المخاطرة بفيلم تسجيلي واحد على الأقل يقص لنا بعضاً من قصاصات ويترك لنا الحرية في قبولها أو رفضها! أم أنه الشبح الزرقاوي هذه المرة! أين نحن مما يجري لنا! رحم الله العقاد وابنته، وكل من قتل في ذلك الكابوس الأسود...آمين!


    ثريا الشهري - الشرق الأوسط

  • الشهيد مصطفى العقاد ...قتلوه قبل فيلم التسامح الاخير



    الشهيد مصطفى العقاد ...قتلوه قبل فيلم التسامح الاخير

    توفيق التميمي - مركز النور الاعلامي


    قريبا من دجلة
    مازال عالقا في ذاكرتي عبق ذلك النهار الرمضاني القائظ قبل ثلاثة عقود زمنية وانا اسابق اللحظات والشوق للمشاهدة الاولى لفيلم الرسالة العظيم والذي سبقت عرضه حملة اعلامية صاخبة، يومها اصطحبني صديقي العاشق للسينما الى شارع السعدون حيث ستعرض سينما بابل الحكومية آنذاك العرض الاول لفيلم الرسالة الخالد لمخرجه العربي السوري مصطفى العقاد.

    قبل عرض الفيلم
    اتذكر بان الفاصلة الزمنية بين وصولنا وزمن العرض كانت كافية لنقضيها في السباحة في شاطئ دجلة المحاذي لشارع السعدون الذي تزدحم فيه دور العرض السينمائية في محاولة نزقة لاطفاء سعير العطش في اجسادنا الغضة ونحن نجرب الصوم اول مرة في حياتنا .
    دجلة كان ذلك النهار يتلألأ بهجة ويفيض بمياهه الوفيرة وسلال خيراته وبهجة مراكبه وصخب صياديه، ويومها كانت صفوف الاشجار المحاذية للنهر تحتفل بالعاشقين دون اكتراث لسلطة قمع تأتي من الناس او الحكومة او خوف يأتي من نظرات التطفل او التجريم القانوني لحرية العاشقين .
    ما زلت اتحسر لاني لم اوثق ذاك الحدث الرمضاني بصورة ترسم دجلة في هيئة الوفرة لتلك المياه التي انحسرت رويدا رويدا مع تصاعد موجات الرعب ودورات الاحزان ونزول المصائب في الحروب والتشريد.. و مع توترعلاقة السلطة مع الناس وحكومات الدول المجاورة التي حبست منابع النهر العظيم عن مسالكه العراقية . وترسم بغداد بلقطاتها المدنية التي طمستها الاحداث والنوائب .
    للنهر قصة من الجدب وحكاية من الاحزان ولكنه في قصتي لا يشكل الا استهلالا من ذاكرة طرية ظلت تحتفل لزمن طويل بمسرات فرجة بصرية لا يمكن نسيانها مطلقالفيلم ((الرسالة)) الخالد لذلك المخرج الشهيد مصطفى العقاد الذي يحقق طفرة ونقلة تاريخية ليس في مستوى الفيلم الديني وطبيعته فقط بل يفتح جسرا من الحوار مع الاخر في الغرب لايصال دعوات التسامح والاعتدال والزخم الانساني الذي وهبته لحظة الرسالة الاسلامية الاولى وأبطالها التاريخيين، بما عجزت عنه كل اساليب الدعاة التقليديين وفقهاء المصادرة والتكفير.
    نجح العقاد بمهته التاريخية بامتياز لدرجة سمعنا قصصا كثيرة عن تحول كثير من مشاهدي الفيلم بنسخته الاجنبية من الغربيين مسيحيين ويهود الى الاسلام دينا ومعتقدا كما سمعنا بان كثيراً من مثقفي الغرب ومفكريه شكلت لهم مشاهدة الفيلم صدمة غيرت كثيراً من تصوراتهم والاوهام العدائية ازاء الاسلام واهله وتاريخه الاول.
    فيلم احدث كل هذه الضجة والصخب في العالم الغربي في ذروة الصراع الرأسمالي والاشتراكي ماذا سيحقق من نتائج على ارض الرسالة ومهبط الانبياء واحفادها الباقين؟.

    الفيلم بين جمهوره
    اما في عالمنا العربي وعلى الارض التي انتجت هذه الرسالة ومازالت تتنفس عبق شذاها وعبير تراثها المضيء من المعرفة والعقل والامجاد وقصص التسامح. فكان للفيلم وعروضه المتكررة شأن آخر:
    فكان (الرسالة) نقطة التحول في الذائقة البصرية لملايين من المشاهدين العرب والمسلمين الذين سئموا مشاهدة الكثير من الافلام الدينية التقليدية السمجة والمكررة بقصصها غير المنقحة والمعتمدة على مراجع متطرفة وروايات ضعيفة.
    بينما مضى العقاد في تجربة فريدة سوف لن تتكرر في السينما العربية والدينية منها على وجه الخصوص،حيث استطاع العقاد بامتلاكه من خبرة عالية وتجربة عميقة وموهبة فذة وما توفر لديه من طاقم فنيين امام الكاميرا وخلفها من انتاج صناعة سينمائية متقدمة لم تشهدها الذائقة العربية من قبل وفي حقل يعد من اكثر الحقول والموضوعات حساسية بتوثيق لحظات الرسالة الاولى بنسختها المحمدية قبل ان تتلطخ نصاعتها او يمزق رداء وحدتها صراع المذاهب والمدارس والفرق وقبل ان تهدر قيم الرحمة والتسامح بين انياب الانانيات والتطلع البدوي للغنيمة والاستئثار بالسلطة واحتكار امتيازاتها .
    ولذا كان من السهل على العقاد ان ينال بركات المرجعيات الدينية باختلاف مذاهبها في العالمين العربي والاسلامي بما فيها حوزة النجف وقم في ايران .
    الرفض الوحيدالذي واجهه من السلطات الحكومية السعودية والتي منعت العقاد وكادره من التصوير على الاراضي المباركة التي جرت عليها وقائع الرسالة الاولى وتحفظت على عرضه ايضا ،فكانت ليبيا وقواتها المسلحة بديلا لهذا المنع والرفض السعودي.
    قدم العقاد في رسالته فرجة بصرية جمعت اسرار الدهشة والمتعة كانت وراء خلود الفيلم في ذاكرة المشاهد وسحر مشاهدته في كل مرة.
    تمكن الفيلم في قصته وحبكته ان يقفز على المرابطة التاريخية في مواقع التقوقع المذهبي وابقاء حدث الرسالة الاولى على توهجه البكر في اطاره المتألق والسابق على مالحقه من تاريخ الصراع السلطوي والحفلات الدموية للسلاطين وحروب الكراهيات وفتن المذاهب والتي تواصلت وقودها حتى يومنا هذه لتحرق استقرار الدول وتدمر مجتمعاتها الآمنة وتلصق سمعة التعصب والكراهية وشرعنة العنف بالاسلام حدثا ومعتقدا وهو من ذلك براء .
    كان العقاد يدرك ببصيرته النافذة ان ثمة حروبا آتية وفتناً ستشتعل في هذا البلد اوذاك مقدمتها ذلك العرض المبتور والمشوه والانتقائي لرسالة الدين عبر منابر المساجد والاعلام والمناهج الدراسية دون ان تلتقط خيوط التسامح والاعتدال والشهامة الانسانية التي اقتنصها ببراعة العقاد في رسالته العظيمة وجسدها بلوحة فنية نادرة في تاريخ السينما العربية عموما والدينية التاريخية خصوصا .

    نبوءات للحروب والفتن
    تسابقت جميع دور العرض السينمائية في العالمين العربي والاسلامي والغربي على عرضه واستقطب الفيلم الملايين من المشاهدين وما زال يحتفظ بروعة لحظة عرضه وجديتها بعد اكثر من ثلاثة عقود وعامين على استشهاد مخرجه ومازال الفيلم يراهن على بصيرة الفنان العقاد باستشراف الغيب ونذر الشؤم بحروب وفتن أحرقت الاخضر واليابس في حياتنا المدنية واجهزت على موروث مجتمعاتنا بالتعايش والتسامح الانساني ،فعاصرت عروض الفيلم حروبا كان معظمها منطلقا بذرائع دينية ومباركات لفقهاءالسلاطين كالحرب اللبنانية المرة والحرب العراقية الايرانية الكارثيةوحتى الحرب الصربية على ابناء البوسنة المسلمين ،كلها حروب شنها المتقاتلون افرادا وميليشيات وجنرالات باسم الدين و مسمياته وانتحال تاريخه وتزوير لحظته الاولى الناصعة والتحدث بالنيابة عن رموز الدعوات الدينية الاولى وانبيائها وحوارييها الصالحين.

    الرسالة سينما للمحبة الانسانية

    العقاد الذي درس طويلا في هوليوود وصبر على مخاضات التجربة والتحصيل الفني والقراءات المضنية والمتعددة لتراث بلاده ليسفر عن ذلك كله انتاج تاريخي سيظل عالقا في ذاكرة الاجيال كثيرا وستبقى دروسه في التسامح راسخة لفترات طويلة في كل مرة يعاد فيها عرض هذا الفيلم .
    العقاد استشعر بخطر الحروب التي تاتي بمفهوم معكوس عن حقيقة الرسالة المحمدية الاولى كما عرضها في مغامرته الخالدة وان هذا الخطر يقبع وراء الابواب ويتوارى خلف الاشجار وسيظهر بهيئات بشعة وسلوكيات عدوانية تخالف قيم المحبة والتسامح وسيكون العقاد نفسه ضحية لهذا الخطر التكفيري الذي عم العالم العربي والاسلامي منذ بداية ثمانينيات القرن السابق ومازال .
    ولذا استحق بان يكون العقاد الشهيد فاتحا لعصر جديد اسمه الرسالة وهي رسالة السماحة والمحبة والنقاء. والتي لم تقاوم امام عواصف التكفير والمصادرة التي ستجعل من العقاد شهيدا وغائبا عن ميدانه الابداعي الذي حقق من خلاله ما عجزت عنه كل فتاوى الدعاة ورسائل التبليغ التقليدية في العالم الغربي.

    قناعات مبكرة في التسامح
    اعود لتجربتي مع المشاهدة الاولى للفيلم الذي عصمنى مبكرا من اهواء التعصب ومنعني من التورط في الخوض بحساسية في اختلافات المذاهب والابتعاد عن التعصب الاعمى لنصرتها ظالمة او مظلومة .
    كان الدرس الاول لفيلم الرسالة في مشاهدته البكر هو انه بامكان السينما الملتزمة والموهوبة ان تهذب ملايين البشر وترتقي بافكارهم الانسانية بما تعجز عنه اطنان من الكتب وملايين من المواعظ الجامدة والجافة يلوكها دعاة مكروهون في المساجد ومنابر الجمعة وبرامج الفضائيات .
    لست هنا بصدد تقييم ومراجعة الفيلم وعرض مزاياه الفنية وتشخيص الابداعي منها، ولكني اردت ان استرجع في رمضان ذكرى تنتمي لايامه المباركة ونفحاته الايمانية كان بطلها شهيد التسامح والاعتدال مصطفى العقاد الذي ينبغي تذكره باجلال كلما مرت بالامة موجات من عواصف الشر والفتنة تريد محو دروس (الرسالة) التي استعرضتها مغامرة العقاد الذهبية السينمائية، وبعرض فيلمه بلغتين وطاقمين عربي والاخر اجنبي استطاع العقاد ان يجازف بالدعوة لدينه بالحسنى وباحصاء ردود الافعال الايجابية التي اثارها الفيلم وحالات الاهتداء نحو الاسلام التزاما او تعاطفا وكذلك تصحيح كثير من التوهمات والتصورات الباطلة عن الاسلام وشخصياته.
    نكتشف بان الفيلم تمكن من خلال ذلك الحوار بندية مع الغرب وبالتالي تحقيق نسبة عالية من النجاح الذي فشل به دعاة ورموز مذاهب وفقهاء سلاطين وائمة مساجد ومؤتمرات للحوار لا طائل منها.

    نهايته الفاجعة
    لم يكن العقاد ذاتا فردية بل كان هاجسا عربيا ابداعيا وزهرة غريبة نمت في حقل موحش وصحراء جرداء،لجأ مبكرا لهوليوود وسحرها بعد ان تلمس في روحه بدايات موهبة تصالحت مع افكار التنوير وشغب التغيير مستفيدا من هوليوود الساحرة في استخراج مكنوناته الابداعية وتصوراته الفكرية لتمتزج في اخراج رائعته الخالدة. استعار من اميركا حريتها ومن هوليوود اسرار صنعتها ومن نجومها ممثلين مقبلين في مغامراته التي ستأتي تباعا.
    ولكنه بقي مع الوطن مشدودا بحبال قوية لم تهتز ومع التراث الاسلامي والشرقي تعاطفا وحنينا وتوقا لاستخراج كنوزه في قيم التنوير والمعرفة.
    المصير الذي لاقاه العقاد على ايدي ارهابيين ينتحلون الاسلام هوية ويدعون انهم ابناء رسالته التي بشر بها العقاد ونجح بتبشيره في غرب محتدم بعقائده وتنوع افكاره فيما فشل فيه قاتلوه المجرمون.
    والحكاية المدماة لمقتله مع ابنته الجميلة في مشهد اخير على ارض عربية يمثل محنة المبدع والحر امام القوى الغاشمة للتجهيل والتكفير وهي رحلة ابتدأها رموز الحرية والفكر من امثال ابن رشد والفارابي والحلاج، رحلة لم تكف عن قرابينها وضحاياها حتى هذه اللحظة المعاصرة فقتل العقاد على ايدي دعاة مزيفين ليس لهم سبيل للدعوة الا فناء الاجساد وخراب البيوت واطفاء اعراس الناس بقنابل الموت وفتاوى مسوغات العنف والمصادرة .

    خلاصة الحكاية
    حكاية العقاد ومصيره المفجع ومشاريعه التي عطلها موت غادر هي حكاية المحنة في تاريخ الابداع العربي حاضرا ومستقبلا.
    فكيف يجازى هذا الانسان الذي نذر حياته وتاريخه السينمائي ومغامراته النبيلة بهذا الجزاء لربما كان وجود العقاد في فندق (راديسون ساس) في عمان مصادفة ولربما لم يقصد القتلة الارهابيون رسول التسامح والتنوير تحديدا ولكنهم تمكنوا من اطفاء الصفحة البيضاء والانجاز العظيم وسنظل نتحسر عليه كلما شاهدنا عرضا لفيلم الرسالة وافلامه القليلة والتي لا نمل متعتها ولا نسأم من مشاهدتها وسترفرف علينا روحه في لحظات الغياب المرة عندما نتحسس مكانه الشاغر خلف كاميرا كانت تعد الملايين من المشاهدين في كل العالم بفرجة بصرية مدهشة لعشرات الافكار والرؤى لنفض غبار الاكاذيب والاختلاق عن تراث تنويري وجسور لحوار فعال بين بني البشر ووقائع مطوية يمكن لها ان تقمع بوادر الفتن وتطفئ نار الاحقاد وتدعو لنشر النور على هذا الكوكب .
    وتستمر الحسرة في قلوب معجبيه حتى انتظار مجيء اجيال جديدة من حملة التنوير ومشاعل الخير لتقتص لموته المفجع ومواصلة دربه ودرب رموز الحرية والفكر من قبله .

    توفيق التميمي - مركز النور الإعلامي

    26/09/2008


    http://www.alnoor.se/article.asp?id=32726

  • مصطفى العقاد: اغتيال الرسالة


    مصطفى العقاد: اغتيال الرسالة




    طلال سلمان - السفير



    ... ولما تعاظم التيه، وغشّى الغلط عيون أدعياء الحرص على الدين الحنيف، صار طبيعياً أن يجرفهم عمى التعصب وأن ينحرفوا برصاصتهم فيغتالوا به <<الرسالة>> وحملتها وحفظتها والمبشرين بها ممّن نجحوا في الوصول بها إلى حيث لم تصل من قبل، وثبتوا الإيمان في صدور الذين كاد يأخذهم الانبهار بالحضارة الغربية إلى الارتداد عن الإسلام.



    كان لا بد أن يغتال هؤلاء الأشقياء أبناء العتم، داعية يفضحهم نجاحه الساحق، مثل مصطفى العقاد، لأن وجوده وأمثاله شهود ناطقون على خيبتهم وإساءاتهم إلى الإسلام بتشويه صورته وتقديمه كأنه انغلاق على العصر ومجافاة للحضارة وعداء للإنسان.



    أي إجرام هذا الذي لا يكتفي بقتل الفرح واجتماع شتات الأهل الذين نثرهم الاحتلال الإسرائيلي في أربع رياح الأرض، بعيداً عن فلسطينهم وقدسها الشريف، بل تمتد ألسنة حريقه إلى <<الرسالة>> ومبدع ترجمتها إلى لغات العالم الحية، والذي نجح في اختراق الطوق الإمبريالي الصهيوني حيث عجزت الدول بنفطها وأموالها وأبواقها والبروباغندا الهزيلة التي ترتد على العرب (والمسلمين) بأفدح الأضرار؟!



    لقد أسعدني حظي بأن التقيت مصطفى العقاد وحاورته واستمعت إلى أحلامه لساعات طويلة، كما كنت قريباً من بعض إنجازاته السينمائية الرائعة التي ابتدعت لعرب القرن العشرين صورة تليق بنضالهم الوطني، وللمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ما يبلور في دينهم الحنيف معاني العدالة والإنسانية والتسامح والحض على العلم والجهاد في سبيل الله والتآخي والتكاتف في وجه الأجنبي الدخيل. سمعت أحلام مصطفى العقاد التي غادرنا قبل أن يستطيع تنفيذها لأن أصحاب المال من العرب بخلاء على دينهم كرماء على مباذل دنياهم ومتعها، يمتنعون عن تمويل شريط سينمائي عن صلاح الدين الأيوبي بينما ينفقون المليارات على ما يسيء إلى دينهم وإلى تاريخهم وإلى حاضرهم وخصوصاً إلى مستقبلهم.



    وبهرني هذا المبدع العبقري الهادئ بأكثر مما تتوقع، المثقف بأكثر مما تُقدّر، الصبور بأكثر مما تستطيع، وهو يتابع السعي لتحقيق أحلامه متجنباً السقوط في شباك عبدة أنفسهم من حكام الظلام في الأرض العربية، الذين اشتروا دنياهم بدينهم وأرضهم وشعوبهم.. كما بهرتني قدرته على اختراق هوليود، وتمكّنه من استقطاب كوكبة من نجومها لإنتاج شريطيه الرائعين، ونجاحه في صد المؤامرات الصهيونية ومحاولات التخريب التي ضبط فيها بعض العرب متلبسين بالجرم المشهود. مصطفى العقاد ابن سوريا العروبة وفتاها الأبر الذي ارتقى بمفهوم العروبة (عمر المختار) والإسلام (الرسالة) إلى ذروة التألق، كان لا بد أن يتميّز أيضاً برحيله.



    وهكذا فإن عمى التعصب الذي يخرج أهله من الإسلام قد طاولت تفجيراته أهل الإسلام، بل وبعض خيرة دعاته وبعض أنشط العاملين لإيصال <<رسالته>> بوجهها الأنقى إلى شعوب العالم أجمع. فالذين اغتالوا مع مصطفى العقاد جمهور الأفراح اليتيمة في عمّان إنما اغتالوا معه رسالة الإسلام، وكشفوا أنفسهم بأنهم بتعصبهم وانغلاقهم وسوء فهمهم للدين وتحجر قلوبهم والشطط الذي يطبع أعمالهم، إنما يقتلون الحلم بالتقدم واللحاق بالعصر. لقد اغتالوا بعض الحلم العربي في غد أفضل. لقد اغتالوا روح الإبداع من داخل الإيمان من أجل حياة تليق بكرامة العرب والمسلمين. مصطفى العقاد: هل تغفر لنا؟!



    مصطفى العقاد: أيها السبّاق دائماً، لا نجد ما نقوله لك إلا أنك كعادتك كنت الطليعة.



    ليرحمنا الله.

    طلال سلمان - السفير


ابحث في المدونة

العقاد .. من حلب الى هوليود

قالوا في العقاد

............................................المخرج الراحل يوسف شاهين :. (انه مخرج عظيم قدم لآمته الكثير و يستحث التقدير و الأحترام لما خاضة من تحد لعقليات قديمة و استطاع أن يتجاوزها و يقنعها بأعماله ) ...............................................

..........................................................................................................

........................................................................................................... ..................................................................الفنان دريد لحام : العقاد علم سوري رفرف في كل الكون .. . مصطفى العقاد مختار بالفن وصاحب رسالة رسالة ......................................................................................... ........................................................................................................... .........................................الفنان ايمن زيدان:

‏ رحيل مصطفى العقاد فاجعة كبيرة. الراحل الكبير واحد من القلائل الذين استطاعوا ان ينقلوا التجربة العربية بعمقها التاريخي والاسلامي الى الآخرين. استطاع ان يكون سفيرا حقيقيا للقضايا العربية والاسلامية .

.................................................................................................................................................................................................................... ........................................................زهير العقاد:

أنا اعتبر الراحل مات بجسده فقط لكنه موجود بروحه وأعماله ونشكر كل من واسانا أملي الشخصي أن الاحلام التي لم يستطع تحقيقها, أن يأتي من بعده من يحققها رسالته رسالة قومية, التعريف بتراثنا بمواقفنا للغرب.