إعلان
-
و رحل العقاد
و رحل العقاد
:
:
كتب / حسين شبكشي - الشرق الأوسط
:مصطفى العقاد كان شخصية ذات حضور طاغ. في آخر لقاء جمعني به، كان يشرح لي
عن تفاصيل مشروعه الحلم وهو انتاج واخراج فيلم «صلاح الدين»، وكان يجوب
الدول العربية باحثا عن التمويل المطلوب لتنفيذ الفيلم، والذي قدر بمائة مليون دولار
أميركي، استطاع أن يجمع منها مبلغ مليونين ونصف المليون دولار نظير تحضير
السيناريو، ومبلغا آخر لقاء تأمين المبدأ التعاقدي مع النجم الاسكتلندي الكبير شون
كونري للقيام بدور البطولة، ولكن المطلوب كان أكثر والتفاعل مع المشروع كان
ضعيفا، حتى الرئيس الراحل رفيق الحريري قام بتقديم فكرة انشاء الاستديوهات في
منطقة البقاع اللبناني ليصور فيها الفيلم، على أن يحتفظ لبنان بالاستديوهات بعد
الانتهاء من الفيلم، وأن يتم توفير باقي المبالغ التشغيلية المطلوبة من قبل مصطفى
العقاد، وماتت هذه الفكرة كما مات صاحبها.
مصطفى العقاد كان مخلصا ومبدعا ولكنه كان يأمل في تقديم عمل «يجمل» به حال
المسلمين أمام العالم، إلا أن هذا العمل أبى أن يظهر على الوجود وغاب صلاح الدين
سينمائيا كما غاب حقيقة. فالموضوع أكبر من أن «يجمل» سينمائيا، لأن الواقع
والحقيقة أصعب من أن يدارى بالمؤثرات الصوتية والبصرية والخدع السينمائية.
فالمشكلة التي يعاني منها المسلمون في العالم العربي تحديدا مشكلة عميقة ومتأصلة،
وبحاجة لمواجهة وعلاج من الأعماق لا تعامل على السطح وبالقشور فقط. هناك العديد
من العبر في المشهد الدرامي الذي مات فيه مصطفى العقاد وهو يقترب من ابنته ريما
ليعانقها مهنئا إياها بسلامة الوصول وهما بالقرب من حفل زفاف مات فيه أيضا والدا
العروسين. كل ذلك يحدث في تفجيرات تزلزل العاصمة الاردنية عمان ويجرؤ سفلة
دنيئون أن يدعوا أن هذا عمل جهادي استشهادي قامت به مجموعة من الانصار لنصرة
الدين. بقدر حزني الشديد على رجل نال من الاحترام والقدر الشيء الكثير، وقدم لامته
ونفسه صدقة جارية في فيلمي «الرسالة» و«عمر المختار»، كان لهما الأثر العظيم
على العديد من الناس، بقدر ما أنا حزين على حال هذه المجموعات التي تستند في
أعمالها إلى آراء وفتاوى تاريخية، آن الأوان أن يقف علماء الدين وقفة صريحة مع
الكتب والفتاوى التاريخية هذه، وقفة جادة ويسموا الأمور بأسمائها ويعترفوا صراحة
أن هذه الكتب والآراء للعلماء والمشايخ الذين ألفوها وأصدروها، لا يجب العمل بها
لأنها خاطئة.
وبدون وقفة كهذه فيها الصراحة والحزم والأمانة والجدية، ستبقى كل المحاولات ناقصة
بلا فعالية، وحتما لن يقتنع بها أحد. اتفقت على معاودة الاتصال بمصطفى العقاد مرة أخرى ،
ودعني بلهجته الحلبية قائلا (( بنشوفك )) و هو ما لم يحدث
قراءة للموضوع
0 التعليقات: