إعلان
-
مصطفى العقاد ..كرمه الله بالشهادة قبل ان يكرمه بلده بالسينما
مصطفى العقاد .. كرمه الله بالشهادة قبل ان يكرمه بلده بالسينما
:
:
بقلم /حسين مشكور - جريدة الصباح ( العراقية ):
:
عشرة أيام فقط الفارق بين التكريمين .. تكريم الشهادة الالهية وتكريم الابداع السينمائي .. لم يمهله القدر أن يعيش تلك الأيام العشرة ليلتقي أهله ومحبيه وعشاقه في بلده الأم (سوريا) ..
كان فرحا جدا لحظة الاتصال به من قبل المسؤولين في بلده وابلاغه بموعد التكريم في العشرين من الشهر الجاري في افتتاح مهرجان دمشق السينمائي .. جاء من أميركا على عجل .. انتهز فرصة دعوته الى المنطقة العربية فذهب الى العاصمة الأردنية عمّان ليلبي دعوة أحد أصدقائه في حفل ( عرس ) وليلتقي ابنته ( ريما ) التي جاءت خصيصا من بيروت للقاء والدها في هذا العرس الذي أقيم على قاعة أحد الفنادق الكبرى في عمّان .. لم يكن أحد يتوقع أن يتحول هذا الفرح الى حزن كبير ومأساوي .. ولم يخطر ببال أحد أن يعصف هذا العرس بحياة أكبر وأعظم المخرجين العرب .. جاء القدر ليتوقف قلب مصطفى العقاد وابنته عن النبض وليخسر العالم العربي أبرز مثقفيها بعد رحلة طويلة من الابداع السينمائي .. رحل المخرج العالمي الكبير مصطفى العقاد بعد أن توقف قلبه عن الخفقان ووصل الى محطة اللاعودة لتنتهي معها آخر حروف الرسالة التي حملها خلال مسيرته الفنية .مصطفى العقاد المخرج الذي بذل الغالي والنفيس من أجل ابراز الصورة الحقيقية المشرقة والسمحة للدين الاسلامي الحنيف وتكريس حياته وجهده وأعصابه للدفاع عن القضايا العربية في السياسة والفن معا قضى نحبه في تفجير خططت له مجموعات ارهابية تتاجر بالاسلام وتختاره واجهة لأفعال مشينة وأعمال دنيئة ترفضها كل الأديان السماوية .. تفجيرات الفنادق الثلاثة في عمّان يوم الأربعاء الماضي والتي راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى دون أي ذنب اقترفوه .الحديث عن الراحل مصطفى العقاد لا تكفيه هذه السطور بل يحتاج الى مقالات وكتب .. التقيت المخرج مصطفى العقاد مرتين كان اللقاء الأول لقاء عابرا في مهرجان الخليج العربي الثاني للانتاج الاذاعي والتلفزيوني في الكويت عام 1982 أي بعد عام واحد فقط من اخراج العقاد فيلمه الكبير ( أسد الصحراء) .. وتمر السنون ليأتي لقائي الثاني به عام 2003 في أحد فنادق القاهرة وقد حالفني الحظ في هذه المرة أن أجلس بالقرب من أعظم المخرجين العرب وأن أتحدث معه وألتقط له ومعه الصور الفوتوغرافية .. لم يكن لقائي به من أجل حوار صحفي وانما كانت دردشة بسيطة منحني اياها هذا الاستاذ الكبير في حفل فني حضره عدد كبير من الفنانين العرب .مصطفى العقاد .. هذا الشاب الحلبي المغامر ولد عام 1935 كان طموحه بالعالمية منذ صغره .. كان يحاول أن يخفي هذا الطموح حتى لا يواجه بالاستهزاء ولكنه أصّر على الهجرة وتحقيق طموحه فهاجر الى أميركا وعمره 19 عاما .. كان رأس ماله الغنى التربوي والقومي والديني .. أهداه والده حينها المصحف الشريف ومبلغ 200 دولار فقط ودعوات أبويّة بالتوفيق وهذا كل رصيده .هاجر العقاد الى أميركا عام 1954والتحق بجامعة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا لدراسة الفنون المسرحية وهناك التقى أشخاصا كثيرين من مختلف الجنسيات العربية والعالمية .. واجه الكثير من الصعوبات والعقبات بسبب عروبته ولم يقبل النصيحة التي عرضت عليه وهي تغيير اسمه من مصطفى الى أي اسم أجنبي آخر .. أصّر مصطفى على الاحتفاظ باسمه الذي منحه اياه والده عند ولادته واستطاع أن يفرض نفسه ويفرض احترامه على الآخرين .. كان مواظبا على دراسته وكان ذكيا فأنهى دراسته وتخرج عام 1958 .اخرج العقاد عام 1976 أهم الأفلام العربية التي تتحدث عن الدين الاسلامي هو فيلم ( الرسالة ) ثم أخرج في عام 1981 فيلم ( أسد الصحراء ) الذي تناول فيه قضية كفاح المناضل الليبي عمر المختار اضافة الى عمله كمنتج منفذ في هوليوود للعديد من أفلام الرعب (هالوين) كرم العقاد بالعديد من الأوسمة وشهادات التقدير والابداع من عدد من الرؤساء والملوك ورفض بدوره الكثير من العروض لانتاج أفلام تمجد حياتهم السياسية ، حيث كان يرفض الدخول في السياسات المحلية وكان همه الأول والأخير هو تراثه وحضارته العربية التي تدوم أطول من الزعماء .رحل العقاد وفي جعبته مشاريع أفلام كثيرة مثل فيلم صبيحة الأندلسية ( المرأة التي حكمت الأندلس ) وفيلم خليفة الأندلس وفيلم صلاح الدين الذي رأى فيه ما يراه على الساحة العربية في الوقت الحاضر .سألت العقاد عند لقائي به عن أسهل الطرق للوصول الى العالمية .. ابتسم وقال : أنا أرفض هذه التسمية حيث أنه ليس هناك شيء اسمه عالمي وآخر محلي بل أن العالمية هي اللغة التي تتحدث بها والتقنية التي تمارسها في العمل وأعطاني مثلا على ذلك دور الفنان انتوني كوين في فيلم عمر المختار حيث لو اسند هذا الدور للفنان العربي الراحل عبد الله غيث بنفس التقنية التي تمنح للفنان أنتوني كوين فأنا على يقين أن عبد الله غيث من الممكن أن يتفوق .. لذلك فان أي ممثل عربي يتقن اللغة الانجليزية يمكن أن تتاح له فرصة العالمية التي أسميتها لي .بعدها انتقل العقاد بحديثه الى العراق وعن الوضع المؤلم الذي يعيشه الشعب العراقي بعد سقوط نظام صدام فقال : ان الشعب العراقي شعب واع ومثقف وعظيم وللأسف ما أسمعه عن المآسي التي تحدث هناك .. ويستطرد قائلا : هناك موجة تطرف خطيرة للأسف الشديد يحاول أعداء العروبة والاسلام أن يفرضوها في وطننا العربي .. فالتطرف هو الجهل بعينه ولا أقصد التطرف الديني وانما التطرف بالمفهوم العام الذي يضعف الشعوب العربية .. أتمنى من الله عز وجل أن يزيل الغمة عن هذا البلد العظيم وأن يعيش شعبه حياة كريمة هانئة.لقد رحل عنا مصطفى العقاد الى غير رجعة .. ولن نراه بعد اليوم الا من خلال ما أورثه لنا من أعمال سينمائية رائعة .. مصطفى العقاد قال فيه الفنان العربي دريد لحام " العقاد علم سوري رفرف في كل الكون .. مصطفى العقاد مختار بالفن وصاحب رسالةقراءة للموضوع
0 التعليقات: